الحقيقة لا غير

اهمية المراكز الصيفية في بناء شخصية الفرد

اهمية المراكز الصيفية في بناء شخصية الفرد

بقلم القاضي/ علي يحيى عبدالمغني
أمين عام مجلس الشورى

قبل التحاقي بالمراكز الصيفية كنت على وشك الانقطاع عن الدراسة بمدارسة الأمل وانا في الصف التاسع الأساسي، ولولا اصرار جدتي رحمها الله التي كانت تيقضني من منامي في الصباح الباكر مرددة على مسامعي(مارزق ياتي لجالس إلا لإهل الكتب والمدارس) لما واصلت الدراسة إلى هذه المرحلة الدراسية البسيطة، وفي صيف عام 1999م توفي القاضي العلامة علي عبدالوهاب الوشلي رحمه الله فذهب عقال ووجهاء ومشائخ مديرية الرضمة الى قرية الوشل المجاورة للمديرية لتأدية واجب العزاء والمجابرة، وخلال المجابرة قام نجل الفقيد القاضي محمد علي عبدالوهاب الوشلي يحدث الحاضرين أنه تم افتتاح مركز صيفي بالمدرسة الشمسية بذمار لتعليم المذهب الزيدي وحث الجميع على إلحاق أبنائهم بهذا المركز، ولأن الناس جميعا في المنطقة قد ضاقوا ذرعا بفكر الاخوان والوهابية دفعوا بإبنائهم جميعا الى هذا المركز وكنت انا واحدا منهم، فتعلمت في هذا المركز خلال شهرين مالم اتعلمه خلال تسع سنوات في المدرسة، تغيرت خلالها ملامحي وسلوكي، وصار المجتمع ينظر لي نظرة مختلفة، ويضربون بي المثل لابنائهم، ويعتبروني فردا صالحا في المجتمع، لا يؤدون فريضة في المسجد إلا وأنا معهم بل كنت أنا من يؤذن احيانا بالمسجد، ويقيم لهم الصلاة، ويلقي عليهم بعض المحاضرات والخطب، وأثناء اختتام الدورة الصيفية حضر مدير عام المراكز الصيفية الاستاذ العلامة محمد بدرالدين الحوثي حفظه الله واعلن أن هناك مركزا شتويا في صعدة لتعليم علوم الدين واللغة لمن يرغب من الطلاب بالإلتحاق به، ولم اتردد انا ومجموعة من الزملاء من بيت الوشلي والذاري لحظة واحدة عن الالتحاق بهذا الدورة بمدرسة اهل البيت عليهم السلام بمنطقة ال بيان بمديرية سحار بمحافظة صعدة، وكانت الدراسة فيها من بعد الظهر والصباح التحقت بمدرسة ال غبير المجاورة لمنطقة ال بيان وسجلت في الصف الأول الثانوي، وخلال هذه السنة تعلمت في ال بيان الكثير والكثير من علوم الدين والشريعة واللغة على ايدي علماء كبار مثل الدكتور عبدالكريم جدبان رحمه الله والعلامة علي احمد الرازحي والاستاذ العلامة صالح هبرة، اضافة الى حضور بعض الدروس في ال الصيفي على يد الحجة العلامة السيد بدر الدين الحوثي والسيد العلامة عبدالرحمن شايم في منطقة هجرة فله رضوان الله عليهما، ولم اعد الى البلاد إلا وكافة الاباء يشيرون إلي بالبنان، وبعدها مباشرة التحقت بالمركز الصيفي بمركز بدر العلمي بصنعاء وتعلمت الكثير من الدكتور المرتضى بن زيد المحطوري سلام الله عليه، ثم عدت بعد انتهاء الدورة الصيفية بصنعاء الى محافظة صعدة لحضور الدورة الشتوية بمركز الامام الهادي عليه السلام بمنطقة مران بمحافظة صعدة، وهناك التقيت بالشهيد القائد سلام الله عليه في مناسبات مختلفة، وتعلمت على يد الشهيد زيد علي مصلح رضوان الله عليه والاستاذ العلامة يحيى قاسم ابو عواضة حفظه الله، بعدها استمريت ادرس وأدرس بمركز بدر العلمي بصنعاء لسنوات عديدة قبل استشهاد الدكتور المرتضى رحمه الله، لقد تفاجأ زملائي بمدرسة الامل بالرضمة حينما عدت للدراسة معهم بصف ثالث ثانوي بمستوى التحصيل العلمي الذي اكتسبته في صنعاء وصعدة خلال عامين، حتى ان المدرسين بالمدرسة كانوا يخشون أن يخطئوا في قراءة اية او أعرب جملة وانا موجود بينهم، وحصلت على اعلى معدل في الثانوية العامة في ذلك العام على مستوى المديرية، ثم التحقت بالجامعة وكنت من بين الثلاثة الأوائل، وتوظفت بالمحكمة العليا مباشرة بناء على اختبارات قبول ومفاضلة بين المتقدمين، وثم واصلت بعدها دراسة الماجستير في اللغة العربية وتخرجت بتقدير ممتاز، وحصلت على شهادة بكالوريوس مرة اخرى من كلية الشريعة والقانون بجامعة صنعاء بتقدير ممتاز ايضا، والأهم من ذلك كله ان المراكز الصيفية تجعل التلميذ فردا صالحا في مجتمعه، فالمدرس فيها ليست غايته الراتب الشهري والطالب ليست غايته الشهادة كما في المدارس الحكومية، كما أن المدرس في المراكز الصيفية قدوة عملية للتلميذ، فهو يشرف على سلوكه وتصرفه ويراقب أقواله وافعاله وهو يشعر انه مسؤول عنه أمام الله وأمام المجتمع، كما أن احتكاك الطالب في المراكز الصيفية بغيره من الطلاب الذين ينتمون الى مناطق وطبقات وفئات عمرية مختلفة يمكنه من بناء شخصيته المستقلة، ويمد علاقات مختلفة، في بيئة إيمانية نظيفة خالية من الانحراف والظلال، مما يعزز ثقته بنفسه، ويشعره انه بات فردا صالحا في مجتمعه، ومن نعمة الله على الشعب اليمني أن قيادته اليوم قيادة إيمانية ربانية، تشهد لها كافة الشعوب العربية والإسلامية بتوجهها الصحيح والصادق لبناء الامة العربية والإسلامية على اساس من هدى الله والثقة به ومجسدة الاخوة الايمانية في ابهى صورها من خلال وقوفها مع غزة، هذه القيادة الايمانية الحكيمة قد هيات الفرصة لكافة ابناء الشعب اليمني للإلتحاق بالمراكز الصيفية، وفتحت مركزا في كل عزلة وحارة وقرية، ولم تعد هذه المراكز الصيفية محصورة في منطقة او فئة معينة، وما على كافة اولياء الأمور إلا ايصال ابنائهم الى هذه المراكز خلال العطلة الصيفية اذا اردوا لهم الفوز والنجاح في الدنيا والآخرة.

صنعاء- الثلاثاء- 10 10 1446ه

قد يعجبك ايضا